فرفر في قربص الجزء الثاني

اذن و مثلما سبق أن ذكرت في التدوينة الفارطة ، اتجهنا أربعتنا الي الحمام الشعبي مع وعد اليابس حميدة بالقيام بمهمة تدليكه.. و حقيقة كان اليابس في المستوي و أبهرني صراحة بحذقه لهذا الشيء و قلت له فيما بعد و هو الاطار السامي في الوظيفة العمومية أتعجب عدم اختيارك مهنة التدليك.. و من التفاصيل أيضا أن اليابس نسي تبان العوم و اضطر لشراء 'فوطة جديدة ' بأربعة دنانير لكي يدخل بها للحمام و عند خروجنا منه و جدت في حقيبة ملابسي فوطة زائدة لم أتفطن لها في بادىء الأمر فقلت له كان من الأجدى مدك بهذه الفوطة عوض شراءك فوطة جديدة بأربعة دنانير ، أنا آسف أخ يابس
و مع حوالي الساعة الثامنة مساءا و بعد أن اخذنا غرضنا من الراحة ..أخبرنا حميدة أن والدته في قربص وهي هناك منذ أسبوعين رفقة بعض الخالات من كبار السن لأجل اتباع برنامج صحي للعلاج بالمياه المعدنية و دعانا لزيارتها قبل أخذ طريق العودة
ذهبت أنا و حميدة لزيارة والدته وهي تقيم في نزل او اقامة تسمي اقامة المياه المعدنية في حين تأخر اليابس و 'ميم' لقضاء بعض الشؤون.. رحبت بنا أم حميدة بحرارة ثم و حين شاهدتها وهي تقفل أزرار معطف ابنها بكثير من الحنان و الحب و تنصحه بأن يأخذ كافة احتياطاته عند خروجه من الحمام و حميدة كالطفل الصغير بين يديها ، قلت في نفسي سنظل دائما أطفالا في عيون أمهاتنا
ثم قالت لنا :ستقضون الليلة في فربص بطبيعة الحال.. فالوقت متأخر الآن و الطريق صعب.. و لا يشجع علي العودة..
قال لها حميدة موافقا : أنا أيضا أحس ببعض التعب و لست متحمسا للسياقة.. فرفر ليس لديه اشكال و 'ميم' كذلك و 'ميم' بين قوسين هو صهر حميدة و بقي إلا اليابس الذي يجب عليه استشارة زوجته..
وفي الحال ذهبت أم حميدة إلي موظف الاستقبال و سألته إذا كانت هناك غرفة شاغرة لهذه الليلة و قال لي حميدة أن الإشكال الوحيد هورفض اليابس المبيت بتعلة أنه ليس لديه ما يكفي من النقود لكن عندما نقول له أن المبيت سوف يكون مجانيا بالنسبة اليه فلن يكون لديه أي مانع و سوف يقنع زوجته بسهولة..
فقلت له: أنا أيضا لا أملك الا خمسة دنانير حاليا .. لكن ليس لدي مانع في المبيت وسوف أرجع لك غدا ما قمت بخلاصه علي ..
صراحة كان الأمر بالنسبة لي سيان.. فمن الأول لم تكن لدي نية في المبيت في المنزل و كنت أنوي قضاء الليلة لدي قريب لي يقطن في الضاحية الجنوبية ..اي في نفس طريق العودة من قربص كما أنه ليست لدي التزامات عائلية عكس رفاقي فهم متزوجون و آباء جدد أيضا..
و بما أني لا أملك ما يكفي من النقود خيرت الصمت وعدم المشاركة في النقاش و اذا كانت هناك قرار سيتم اتخاذه فهو ليس من طرفي ..
وفي الأخير و بعد أخذ و رد قررنا أربعتنا المبيت في قربص و كانت غرفة لأربعة أشخاص بثمن ثلاثة أشخاص ( خمسة عشرا دينار للشخص الواحد) مع ثلاثة أسرة فقط و فراش رابع في الأرض من دون سرير .. و استطاع اليابس اقناع زوجته بمبيته خارج المنزل مع تمتعه بطبيعة الحال بمجانية المبيت.. كما قال لي حميدة أنه أخذ من عند والدته عشرون دينار كسلفة .. لأنه هو أيضا لا يملك ما يكفي من النقود كما أنه في منطقة قريص لايوجد أي بنك يستطيع نجدتنا ببعض المال..
صعدنا الي الغرفة.. صراحة أعجبت بالنزل وقد تم بناؤه من قبل المستعمر الفرنسي في أوائل القرن الماضي و أحسست كأنني أتجول في رواية من روايات أقاتا كرستي

.....